[بٍــذنُــوبِـنـَا] الشـيـشـان .. فـخـــر الأمــــة

"اللهم انصر اخواننا المجاهدين فى الشيشان"

    دائما ما نرد بالتأمين على هذا الدعاء, ولكن للأسف كلمة "آمين" تخرج من أفواههنا فقط دون قلوبنا, وذلك لأن معظمنا لا يعلم أين تقع الشيشان أصلا ولا يدرى ما هى قصتها ولا أحوال اخواننا المسلمين والمجاهدين فيها.

    فى الحقيقة, لا يسعنى أن ألوم أحداً, فالأعلام أعطى ظهره لتلك القضية, ولمست ذلك عندما شرعت فى تحضير هذا المقال, فالمصادر محدودة, ومعظمها مشوِه للحقيقة, الحقيقة التى يجب أن تصل الى كل مسلمى العالم, و"أعتقد" أن هناك أيدٍ أثمة تخنق أى محاولة لنشر ما يحدث فى ذلك القطر المسلم, حاولت البحث عن مقاطع مرئية تبين الجرائم البشعة التى تحدث هناك ولكن معظمها تم حذفه, ولكن هناك صورا قد تفى بذلك الغرض, وتلك الصور هى ما دفعتنى لأن أبدأ سلسة "بذنوبنا" بالشيشان.

 

تلك صورة قديمة, فالحرب فى الشيشان لها تاريخ طويل 

    أما تلك الصورة فهى حديثة, بل أن رأس تلك المرأة المسلمة تم قطعها فى عيد الأضحى هذا العام 1430هـ, والعجيب أننا لم نسمع عن هذه الحادثة فى وسائل الأعلام, ولم يصل الينا ذلك الخبر الا عن طريق بعد المدونات التى تهتم بنقل ما يحدث فى تلك الأرض الينا.

    أعتذر أن كانت الصور مؤلمة, ولكنى تعمدت أن يراها كل من يقرأ هذه المقال, فكيف لنا أن نشعر ببشاعة ما يحدث هناك حتى لو قرأنا ألف مقال بدون أن نرى تلك الصور.


والان دعونا نتعرف على هذا البلد المسلم 

الموقع الجغرافى للشيشان:

    جمهورية الشيشان من البلدان الإسلامية التي ضمتها الجمهورية الروسية قسرًا إليها عام 1920، ورغم شهرتها إلا أن الشيشان ذات مساحة محدودة تبلغ (17.000 كم2)، تقع في منطقة جبال (القوقاز)

    عرف شعب الشيشان الإسلام قبل ألف عام عن طريق التجار العرب، ويغلب على معظمهم النزعة الصوفية؛ فهم شعبٌ مسلم سنّي في معظمه يتبع المذهب الشافعي، كما تتمتع الحركات الصوفية بنفوذ كبير في بلاد القوقاز بصفة عامة.

 العاصمة:

    عاصمة الشيشان هي (جروزني)، وهي كلمة شيشانية تعني المرعب، وتستأثر بحوالي ثلث سكان الشيشان، وهي مدينة محصنة تقع على رابية حول (نهر السونج)، يحيط بها مجموعة محصنة من القلاع أشهرها (قلعة بريجرادني)، وتعد (جروزني) مركزًا تجاريًا صناعيًا سياسيًا مهمًا، ويذكر أن الرئيس الشيشاني (أصلان مسخادوف) قد غير اسمها إلى (جوهر) تيمنًا بالقائد (جوهر دوداييف) الذي أعلن استقلال الشيشان عن روسيـا.

    وقد اشتهر سكان منطقة (القوقاز) منذ القدم بلغاتهم الأصلية، وتتميز اللغة الشيشانية من بينها بعدة لهجات، وظلت اللغة الشيشانية تكتب بالحروف العربية حتى أواسط العشرينيات من القرن العشرين، ثم استبدلت بالحروف الكيريلية الروسية.

    يتميز الشيشانيون بطولهم و نحافتهم و قوة بنيانهم ، كما يتمتعون بالشجاعة و كرم الضيافة.

الموارد  الاقتصادية:

   يعتمد الاقتصاد الشيشاني على البترول، ولا شك أن تدفق النفط في منطقة (بحر قزوين) يجعل (روسيا) مستعدة لدفع أي ثمن في سبيل إبقاء كافة الأراضي في الجنوب تحت سيطرتها.

الموارد  الاستراتيجية:

    الشيشان جزء من إقليم القوقاز؛ ذلك الإقليم الجبلي الذي يقع بين البحر الأسود في الغرب وبحر قزوين في الشرق والذي تتقاسمه أربع دول هي :  (روسيا)، و(جورجيا)، و(أذربيجان)، و(أرمينيا).

    مع أن (الشيشان) جمهورية صغيرة لا تصل مساحتها إلى 0.5 % من إجمالي مساحة (روسيا)، ولا يزيد سكانها عن 0.7 % من إجمالي سكان (روسيا)؟ إلا أن فكرة عودتها صاغرة إلى البيت الروسي غير واردة، كما أن مفهوم الأمن القومي الروسي يضع كل شبر في الجنوب القوقازي في بؤرة اهتماماته؛ لأنه يمثل أحد أهم مناطق الصراع الدولي بعد (الشرق الأوسط) و(إيران) و(العراق).

 

كما أن التاريخ الحربي الروسي مولع بالوصول إلى المياه المفتوحة، خاصة (البحر الأسود)، وإذا كانت (روسيا) تطل على 12 بحراً يتعرض معظمها للتجمد في فصل الشتاء، فإن الأهمية الجيو استراتيجية لموقع القوقاز الشمالي، الذي تترامى فيه جمهورية (الشيشان) وأخواتها فيما بين (البحر الأسود) و(بحر قزوين) - والذي يسبح فوق بحر من البترول - لا يدع مجالاً للاعتقاد بإمكانية تخلي (روسيا) عن (الشيشان) طواعيةً أبدًا.

تاريخ الصراع فى الشيشان:

    يمتد تاريخ الصراع الشيشانى الروسى منذ زمن يزيد عن ال 200 عام, فكلما حاولت روسيا ضمّ الشيشان عنوة اليها ظهر قائدا مسلما يقود حركة الجهاد فيها, وعندما يعتقل ويعدم ذلك القائد, يزيد الظلم لفترة ويزيد القهر والقتل والعدوان والتهجير من الأراضى, ثم يظهر قائد غيره وظل هذا الحال حتى عام 1957 وهو عام سمح فيه للمجرين بالعودة الى الشيشان, بعد أن مات نصفهم, وعاد منهم 30% فقط ليجدوا 800 مسجد قد تم اغلاقه وأكثر من 400 مدرسة لتعليم الدين واللغة العربية, وفى الفترة (1957 - 1990) شهدت الشيان جوا هادئا (كانت مازالت تحت الاحتلال), وفى العام 1991 أعلن المجلس الوطنى الشيشانى استقلال الشيشان عن روسيا وكان رئيس الشيشان حينها هو "جوهر دوداييف", ولم تكن روسيا فى حالة تؤهلها الى خوض حرب مع الشيشان, واستثمر القائد "دوداييف" الفترة من (1991 - 1994) لتعزيز الانفصال والتأكيد على الهوية الشيشانية والأسلامية, وقام بحل جميع أجهزة الأمن والمخابرات التابعة لروسيا.


    وفي (29 نوفمبر 1994م) بدأت الحرب الشيشانية الأولى, ورغم محاولات الروس إيجاد حكومة بديلة لحكومة المقاتلين الشيشان إلا أنهم اضطروا في النهاية إلى التفاوض مع ممثلين عنهم كان من بينهم "أصلان مسخدوف" والذي وقع اتفاقيةالأطر الحاكمة للعلاقات الروسية الشيشانية (نوفمبر 1996م) مع (فيكتور تشرنوميندين) رئيس وزراء روسيا.

    ثم انتهى الأمر بتوقيع اتفاقية )معاهدة السلام مع روسي( في 12 مايو 1996م)، وهي اتفاقية تمنح الاستقلال الفعلي للشيشان، وإن لم تمنحه لها بشكل قانوني إلا أن نصوص الاتفاقية تمثل فرصة قانونية أمام (الشيشان) لإثبات استقلاليتهم عن الروس.

    تسببت الحرب الشيشانية الأولى فى تدمير البنية التحتية والصناعية للشيشان, وانتشرت البطالة بنسبة 80%, وانتشرت الجريمة والنهب, ووصل معدل وفاة الأطفال الى 10%.


وفى عام 2002 بدأت الحرب الشيشانية الثانية بقيادة "بوتين" رئيس الوزراء الروسى وزاد عدد الجنود فى الشيشان من 24 ألفا الى 100 ألف جندى, وكان من المآسى فى هذه الحرب الوحشية الكثير, واستمرت الحرب لمدة عامين.

طبيعة الشخصية الشيشانية: 
 

يقول الكاتب الروسي الشهير (سولجنستين) عن موقف الشيشان مما فعله (ستالين) بـ(الشيشان) في معسكرات الإبعاد الجماعي والسجون في (وسط آسيا): : "إن شيشانيًا واحدًا لم نره يخضع للحكم الروسي. بل كانوا يُظهرون عداءهم للروس بشجاعة".

وشعار النشيد الوطني الشيشاني "الموت أو الحرية"، ومن كلماته:

لن نخضع لأحد أبدًا

الحرية أو الموت

الطريق الوحيد الذي اخترناه

* * * * * *

نذرنا أنفسنا لله والشعب والوطن والأرض

إذا احتاجوا إلينا سوف نلبي النداء بشجاعة

    فكلمات الوطن والتراب، والموت والحرية والنذر وتلبية النداء كلها تنم عن النبل والشجاعة والتمسك بالأرض وعشق الحرية؛ فالحرية لدى الشيشان مقدسة، ومستخدمة في الحديث اليومي؛ فيقول بعضهم لضيفه مرحبًا به: "إذا دخلت هذا البيت تمتع بالحرية والسلام والعطف". وكلما مر أحدهم بالآخر يقول: "صحبتك الحرية"، وفى حالة تمنى الصحة يقول: "ليمنحك الله الحرية" … والأرض والتراب مقدس تقديس الدين؛ حتى أنهم ليرمون بالكفر من يخون بلاده ولا يحافظ على ترابها.

    ولأنهم شجعان فقد اختاروا الذئب رمزًا لهم ؛ فيقولون: "لقد ولدنا في الليل والذئب يعوي"، وهم يرون أن الذئب وإن لم يكن الأقوى إلا أنه الأنبل فهو لا يُقاتل إلا الأقوياء، ولا يفترس الضعفاء، وإذا أرادوا وصف أحدهم بالشجاعة يطلقون عليه اسم الذئب ويقولون للفتى إذا أظهر شجاعة لقد تربّى في أحضان الذئاب.

من قادة المقاومة فى الشيشان:

• الشيخ منصور أوشورم.
• الإمام شامل.
• حاجي كونتا كشييف.
• الحاج (أذن).
• سليم خان يندرباييف
•  الإمام شامل باسييف 
• أصلان مسخادوف 

    شهد الشيشان  اغتيال أربعة رؤساء في عشر سنين (1996- 2005م)، هم (جوهر دوداييف)، و(بيندرباييف)، و(قاديروف)، و(مسخادوف).

    للعلم فقط : حتى الان لا يوجد أى دولة فى العالم (بما فى ذلك الدول العربية والاسلامية) تعترف باستقلال الشيشان سوى أفغانستان وجمهورية شمال قبرص التركية, وتعتبره الدول الأخرى شأننا داخليا خوفا من الدب الروسى, ودور الحكومات الان هو مساندة ذلك البلد المسلم, حتى ينال استقلاله, واثارة القضية وعدم المساعدة على التعتيم الأعلامى.


والآن ما هو دورنا نحن تجاه الشيشان ؟؟

    1- فهم قضايا العالم الإسلامي فهمًا جيدًا: وعدم الاكتفاء بالفتات والقشور، وفي قضية الشيشان ينبغي على كل مسلم أن يعرف طبيعة الصراع الروسي الشيشاني، وحقيقة ما يجري هناك، و أن يعمل جاهدًا على نشر القضية بين الناس، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، وليعمل بقوله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" {صحيح مسلم: من حديث النعمان بن بشير}.

    2- التحرك العملي السريع: ففهم القضية سينتج عنه العديد من الواجبات العملية، التي ستتمثل في بذل المساعدات قدر المستطاع، سواء ثمثل ذلك في التبرع المادي، أو من خلال فضح الممارسات الوحشية ضد الشعب الشيشاني المسلم، وتوصيل ذلك للمهتمين بحقوق الإنسان في العالم، وكذلك المقاطعة الاقتصادية والتجارية لتلك الدولة المعتدية الآثمة!

    3- بث الأمل: حيث يواجه بضع آلاف من المقاومين الشيشان، أكثر من نصف مليون جندي روسي، زودوا بـ(11 ألف) دبابة وسيارة مصفحة، وعدد كبير من المدافع الثقيلة والصواريخ والطائرات، ومع هذا قتل الشيشان عشرات الآلاف من الجيش الروسي حتى الآن، وصدق الله العظيم إذ يقول:"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" {آل عمران: 173}

    4- إصلاح النفس والمجتمع : ولا يتوقف دور الشعوب على المساعدات والدعاء فحسب، بل على المسلمين أن يعملوا على إصلاح أنفسهم من الداخل حتى يصلح الله أمورهم "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " {الرعد : 11}.

الان يجب  أن تتأكد أن كل تأخير للنصر فى الشيشان هو "بذنوبنا".

المصادر :
1- موقع قصة الاسلام للدكتور راغب السرجانى.
2- مدونة الشيشان.. فخر الأمة.
3- مدونة إمارة القوقاز الأسلامية.
4- منتديات موقع قصة الأسلام.