غُــربَــة

عندما سألته أيهما أفضل المدينة الجامعية أم "سكن العزاب" كما هو حالك الآن, أجاب بأن المدينة الجامعية أفضل بالتأكيد, على الأقل تجد فيها من يطهو لك الطعام.

كانت غرفته غير مرتبة بالمرة, والتراب يعلو كل شئ بها, والأضاءة مع لون طلاء الغرفة يعطى جواً من الكآبة, الشئ الوحيد الذى كان يجعل هذه الغرفة قابلة للمعيشة هو وجود كتب و Labtop.
وسألته عن غسيل وكىّ الملابس وطهو الطعام و تنظيف الغرفة من يقوم بكل هذا ؟؟ فأجاب بأنه هو من يقوم بهذا كله, وأضاف.

لما ترجع البيت بوس ايد ورجل أبوك وأمك, الواحد من غيرهم ولا حاجة, الأب والأم نعمة.

لم أشعر بقيمة نصيحته الأ عندما عدت يوماً الى البيت وعلمت أنه منذ لحظات قبل دخولى للمنزل أغلقت أمّى الهاتف مع أخى لتخبره أنها وأبى كانا على شفا لقاء ربهما فى حادث قطار لولا لطف الله.

جلست حينها أتخيل, ماذا لو كان حدث ذلك ؟؟ ماذا لو توفى أبى وأمى أحدهما أو كلاهما ؟؟ شعرت حينها بالغربة, وتذكرت كل اللحظات التى أغضبتهما منى فيها, وتذكرت كيف كانت أمى تعاملنى بالحسنى وأنا أعاملها بالسئ, وكيف أبى يتمنى لى الخير وينصحنى وأنا اتمنى أن يتركنى وشأنى.

تخيل أن أباك وأمك توفاهما الله الأن فى هذه اللحظة.
الآن ذق طعم الغربة, وتذكر كيف كنت بهمها, وتخيل كيف ستكون بدونهما.
واندم على كل عقوق لهما وابكى عليه, ثم تُب الى الله.

ثم اذهب وقبل رجليهما, لعلّ برّك بهما الأن يفتح لك طريقا الى الجنة


أعتذر لكى يا أمى عمّا كان منّى.
أعتذر لك يا أبى عمّا كان منّى.
وأدعو الله أن يطيل فى عمريكما حتى تفرحوا باليوم الذى أموت فيه شهيدا.